يوجد في العراق عدد كبير من الاديرة والكنائس القديمة في مناطق متفرقة ، وتتمركز هده الاديرة في المحافظات الشمالية وخاصة نيـنوى وتمتاز بجمالية عالية وخاصة النقوش والزخارف وفيـما يلـي نبذه مختصرة عن تاريخ بعض الاديرة
(الدير الاعلى)
لا وجـود حاليـا لهـذا الديـر ، لانه ـ بمرور الزمن والأحداث الأليـمة ـ أصبح فـي مجـال الذكريات والتاريخ . .
يقع في الشمال الشرقي من مدينة الموصل داخل أسـوارها عند منطقـة باشطابيـا وهو على اســم مار كبرييل ومار ابراهام ، وشهرة الدير الاعلى تأتي مـن أن فيـه عاش العـديد مـن البطاركة واحتضن هذا الدير مدرسة عالية اشتهر اساتذتها بمؤلفاتهم حتى عرفت في التاريخ بمدرسة ام الفضائل ، وكان لهذا الدير إهـتمام متميـز بأحد السعانين حتى ان الخليفة المأمون عندما كـان يمـر بالموصل ذات مـرة صادفه احتفال السعانين فشـاهد مراسـم الطقـوس الدينية في الدير وأعـجب بـها .
ويوجد في هـذا الديـر الكثير من النقوش والزخارف ذات الريادة المشرقية القديمة
(دير مار ميخائيل)
يقـع هـذا الدير على ضفة دجلة الغربية و يعود تاريخ تاسيسه الى القرن الرابع الميلادي على يد الراهب مار ميخائيل وانضم اليه عدد كبير من الرهبان حتى بلغ عددهم في بعض الأوقـات سبعمئة راهب ، ولا يـزال قسـم كبير مـن بنـاء الدير باقيا لحد الان ومـنه كنيسته ، وعند اسفل الجدار الجنوبي يوجـد قبر مؤسـسـه مار ميخائيل
يتكون الديـر من بناية واسـعـة تضـم عددا من الاحواش وكنيسة وصوامع للرهبان وغرف الزوار ، وقسم لدراسـة طلبـة الرهبـنة الذي يضـم عشرة غرف وستة قـاعـات وفي داخل الديـر فناء واسع و يحتفل بعيد الدير سـنويـا في الاحد السادس من الصوم الكبير
دير مار كوركيـس
يقع على يمين الطريق المؤدي من الموصل الى دهوك (نوهدرا) وعلى قمة رابية جميلة ومسيطرة على السهول الخضراء
وان الدير بالاصل كان كنبسة لقريةبعويرة ، إذ أن اهل القرية هجروها واصبحت الكنيسـة مزارا بأسم دير مار كوركيس يقصده المسيحيون ،
وقـد حاول البطريرك ما يوسف اودافي عام 1878بتجديده من جديد وكما حاول من قبله البطريرك نيقولاوس ولكن لميحالفه الحظ فجلب الاول رهبانا من دير ربان هرمزد
و تم توسيع الدير في الاونةالاخيرة بشكل جميل وحضاري وتراثي وعلى الطراز المعماري الاشوري حيث يقع بالقرب من سـور نينـوى .
يجري الأحتـفال بعيد مار كوركيس في 24 نيسان من كل عام
ديـر الربـان هـرمـزد
أحـد اشهر الاديرة في واجملها يقع على بعد 40 كم شمال غربالموصل قرب بلـدة القوش وينتصب في صدر الجبل مثل قلعة عالية ترجع الى القرن السابعالميلادي عندما قدم الربان هروزد مع زميله ابراهام المادي من الدير عالي ( وهو ماراوراها صاحب الدير القريب من باطنايا ) فوجد عين ماء في الجبل واستقر هناك الربانهرمزد ، اما رفيقه مار ابراهام فـقد شد الرحال الى سهل فسيح
يتكون الدير اكثر كنيسـة وجرتعليها ترميمات عدة ، وفيه صومعة كبيرة فيتم الوصول اليها عبر ممر ضيق ، إذ كان هناكيتعبد الرهبان ويتخبئون في اعلى الدير
ابواب الدير كبيرة وهو يشرف على السهل والجبل وعلى دير السيدةحافظة الزروع حيث يوجد فيه 14 صليب من الرخام وفيه انواع الزخارف والنقوش و رسم للنسر قدنشرجناحه و على اليمين اسد رابضا والى اليسار ثعبان شرير ، وللدير جرس جميـل وتوجد غرفة للطعام وغرفة الكاهن
يحتفل بعيـد الدير يوم الاثنين الثالث بعد العيد القيامة وعادة يقدمالاحتفال يوم الاحد
وعـند مدخل الدير قرب البئر اربعة مقابر لشهداء الحركة الوطنية فيالعراق عام 1963 دفنوا هناك ، حيث استشهدوا اثناء المعركة الشرسة مع اعداء الشعب والوطنالمجد لشهداء ابطال الحرية
(دير مار اوراها)
دير عريق يقع في السهل الكبير مقابل قرية باطنايا في قضاء تلكيف ، الشمال الشرقي من شمال مدينة الموصل ، اسسه الراهب اوراهام رفيق ربان هرمزد في نهاية القرن السادس الميلادي 583 م
وبقي فترة طويلة يؤدي رسالته في المحبة والاخاء ، ولكنـه عـندما وقـعـت الهجمة الشرسة في عهد طهماسب الفارسي عام 1743م حـل في هذا الدير دمـار كبيـر ، وجرى تجديد لـه عام 1884م في عهد البطريرك ايليا الثامن عشر عبو اليونان ، وقطع الديـر شوطا كبيرا من النشـاط في عهـده حيث أنشـأ مدرسة عالية في الدير وكان يخطط لمشروع كبير في الدير توقف بعد وفاته ، ودخل الدير بعد ذلك فترة في طور النسيان حتى قـام قسـم من الخيرين لانقاذ هذا الصرح الحضاري من الزوال فبدأ العمل به للتجديد ولا يزال قائما لحد الان ، و يحتفل بعيد الدير في الاحد الجديد اي الأحد الذي يلي عيد القيامة
(دير مار متي)شيخ متي
وهو أحـد اقدم الاديرة واشهرها واجملها ، بناؤه ضخم وشاهق فوق جبل مقلوب شمال شرق الموصل ، وينسب الى الراهب مار متي والذي جاء من اطراف امد ( ديار بكر) في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي ، وكان الوصول الى الدير صـعبا وفي طريق وعـرة ، حتى تـم تعـبيـد قسـم من هـذا الطريق ، ويوجـد شوق للوصول الى الدير بالرغم من بذل جهد ومشقه وتعب مضني وكـأن الشـخص يتسـلق الجبال وبطرق متعرجة جبلية ، وفي داخل الدير يوجـد مذبح منقور بالجبل وقلاية شيخ متي وقلاية أخرى للمؤرخ والكاتب الشـهير إبـن العـبري .
وفي الفترة الاخيرة تم توسيع الدير بشكل واسع ، ويظهر كانه قلعه على قمة جبل وقبل الى الوصول الى الدير من الباب الرئيسي عن طريق شارع مبلط ، توجد مغارة كبيرة في صـدر الجبل وفيها ماء يتنقط من سقف المغارة وبشكل جميل جدا وفيها رخـام بديع تكوّن من سـقوط نقـط الماء عـبر آلاف السـنين .
وعند إلقـاء نظرة على السهل المقابل في الشتاء او الربيع فإن منظهره جميل اثناء المطر او سقوط الثلج ، ويحتفل الدير بعيده في 18 ايلول من كل عام فيتقاطر الزوار من جميع الملل والاديان ويقدمون النذور لتحقيق امنياتهم ما يصبون اليه .
دير مار ايليا الحيري
يقع هذا الدير في الجانب الايمن من نهر دجلة جنوب الموصل داخل معسكر الغـــزلاني ( سابقا ) وهو دير خالي من الرهبان حاليـا ، اسسه الراهب ايليا الحير ي في نهاية القرن السادس الميلادي والذي جـاء من مدينـة الحيرة ، وترك كل مايملكه ورحل من مدينته قاصدا دير مار ابراهام في جبل الازل في النصيبين حيث التـزم الحياه الرهبانية ومن ثم انطلق نحو الموصل وشيد هذا الدير ..
وفيه عدد كبير من الزخارف والنقوش وفي عام 1743م قام قائد فارسي بتدميره فاوقع فيه الخراب والدمار وبقي مهملا ولحد الان ، وحاليا هو مجموعـة اطلال ومهجور ويحتفل الناس بعيده في اسبوع موسم الخريف
مازار سلطان مهدوخت
مزار قديم يقع في البساتين خارج قرية ارادن وتعني كلمة ارادن ارض عدن وهـو الى الجانب الغربي منها ، له مدخل واطئ وضـيق حيث يسمح بدخول الراجلين فقط ، تتكون كنيسة المزار من صحنين طول كل منها اربع وعشرين متر
يتمتع هذا المزار بحرمة كبيرة عند سكان المنطقة على اختلاف اديانهم وله عدد من القصص المتناقلة من الاباء والاجداد عن ناس حاولوا سرقة غلال وممتلكات الكنيسة و سرعان ماتثأر منه ، حيث توجد بقع حمراء على الجدران ، ويقولون انها اثار دم للصوص حاولوا السرقة ، حيث ان السلطانه مع اخويها اعتنقوا الديانه المسيحية وعلى اثره قتلا بالسيف بامر من الملك الظالم شابور الثاني وكان استشهادهما بتاريخ 12 كانون الثاني سنه 319م وتحتفل المنطقة بذكراهم بتاريخ 15 ايار من كل عام
مزار ايث الاها
يقع هذا المزار على الطريق بين الموصل ودهوك على رابيـة قليله الارتفاع يقع عليها مزار ايث الاها ( الله موجود) ، وهو منذ القديم دير وكنيسة ومدرسة وفيه قبور كثيرة لعلها للرهبان وللمؤمنين
كان مار ايثالاها شماسا قام المجوس باحاته الى القضاة الظالمين مع كاهن اسمه يونو واسقف اسمه عقبشما في زمن الظالم شابور الثاني ، وكان الشماس ايثالاها نوهدري الاصل اي من دهوك حيث دفن الشهيد في الدير نفسه وكان استشهاده يوم الاربعاء سنه 380م وهو يوم الاربعاء التالي لعيد القيامه
دير مار عوديشو
يقع هذا الدير في قرية ديري قرب العمادية يرجع تاريخه الى منتصف القرن الثالث الميلادي يتالف من معبدين متجاورين يبلغ مساحه احدهما 4×9 مترا وهو على اسم مار عوديشو او عبد يشوع ، واما القسم الاخر 10× 3.5 م وهو مقام اكراما الى مار قرداغ الشهيد وكان مار عوديشو ناسكا يعيش في مغارة في احد الجبال بيت بغاش وهو الاسم القديم للمنطقه شمالي شقلاوة
وجرت بين ما عوديشو والوالي منقاشات وجدالات وهدد الوالي الناسك بالضرب ثم القاه في السجن ثم انتصرت النعمة فقبل قرداغ اخيرا العماد من يد الناسك الشيخ فلما بلغ الخبر بتنصره الى الملك حزن جدا لانه كان يحبه كثيرا ويعلق عليه الامال لمهارته في فنون القتال وحاول الملك ان يتراجع الوالي عن تنصره وان يعود الى المجوسية لكنه رفض العودة فحكم عليه بالموت حيث هدم الدير سنة 1987من قبل النظام السابق بسبب عمليات الانفال السيئة الصيت.
(دير مار بهنام الشهيد)
يقع هذا الدير في سهل فسيح بين نهري الدجلة والزاب الكبير على بعد 35 كم جنوب شرق الموصل ويسمونه دير الجب او دير الخضر ، يرجع مار بهنام واخته سارة الى النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي وهـما تنصرا على يد مار متي مع اربعين من رفاقهما حيث غضب والدهما وهو ملك البلاد .
للدير بوابة عالية وفناء واسع وغرف مخصصة للزوار وغرف للادارة والمكتبة وكنيسة الدير ورواق معقود من المرمر بشكل قوس وله واجهة جميلة وفيها انواع من الزخارف والنقوش العجيبة والغريبة في كل قطعة رخام وفي الابواب والكتابات الرائعة والقباب والمقرنصات والقطع المعشقة بدقتها وجمالها وكلها تنطق بما لفنان عراقي من قابليات وذكاء ان هذه الكنيسة هي جوهرة للاثار المسيحية في العراق وفي الدير كثير من الاضرحة وكتابات تاريخية مهمة تعود الى العهد الأتـابكي .
يحتفل الدير بعيده سنويا في 10 كانون الاول من كل عام اكراما للقديس الشهيد.
وإضافـة الـى الأديـرة التي ذكرنـاها ، يوجـد عدد كبير من الاديرة في العراق لا يسع المجال لذكرها جميعـا بالتفصيل ، وانما بالتسميات ، ومنها دير القصير الذي يقع شمال حصن الاخيضر على بعد 6 كم غرب بحيرة رزازة وان هذا الدير والكنيسة بقيت مجرد اثار تاريخية ، ودير مار ماري في الصويرة ، ودير ربان بويا في شقلاوة ، ودير مار يعقوب في دهوك ، وكنيسة مار طهمزكرد التي تسمى كنيسة الحمراء في كركوك ويحتفلون بعيده الذي يسمى (شيرا) يوم 25 ايلول من كل عام ، وهناك كثير من الاديرة التاريخية يمكن أن نتـناولهـا في مواضيع أخرى . .
و المتتبع لهذه الاديرة يجـد أنـها تعود الى جميع الطوائف من الكاثوليك والارثوذكس والكنيسة النسطورية الشرقية ، وان شعبنا لا يفرق بين هذه الاديرة الشامخة في ضمير شعبنا السرياني الكلداني الاشوري ، إذ أن الجميع يحتفلون بمناسباتها بكل شوق مهما اختلفت مذاهبهم ، لانهم من اصل وملة واحدة لا يمكن تجزئتهم مهما حاول البعض ، وسوف يوحدون صفوفهم مستقبلا وان الذين في بلاد الغربة يقدمون كل الاحترام والتقدير لهذه البلاد العظيمة بتاريخها ، لأنـها البلاد العريقة والاصيلة لهذه الاديرة التاريخية والتي هي حية في ذكرياتهم وفي ضمائرهم ، ان حضـارة بابل واشور هي ام الحضارات والتي قـدمت للانسانية بكافة علومها
الإثنين أغسطس 23, 2010 9:08 am
